في هذا المقال نقترح مفهوم "البدائل الصرفية" للمتواردات اللفظية، وهو عبارة عن استخدام نظام الاشتقاق لتجميع المتواردات اللفظية المتشابهة دلاليًا. تم إصدار تطبيق تجريبي لهذا المفهوم في النسخة 0.9.2 لمريجع.
وفي البصرة يقولون: في البدء كان المصدر، وفي الكوفة يقولون: في البدء كان الفعل، أما نحن فنقول: في البدء كانت الفكرة ويمكن التعبير عن الأفكار بطرق متعددة.
الطريقة الشائعة للتعبير عن حدث ما، هي الجملة الفعلية، والتي تتكون من فعل وفاعل ومفعول به.
سَوْفَ تُوَقِّعُ رَئِيسَةُ الجُمْهُورِيَّةِ اِتِّفاقِيَّةَ السَّلامِ فِي الأَيّامِ القادِمَةِ.
لَمْ يُوَقِّعْ الرَّئِيسُ الاِتِّفاقِيّاتِ المُتَعَلِّقَةَ بِتَعْزِيزِ التَّعاوُنِ بُعْدُ.
وَقَّعَ الرُّؤَساءُ اِتِّفاقِيّاتٍ لا خَصْرَ لَها!
من خلال التركيز على هذه العناصر الأساسية، وتجنب تعدد الصيغ الصرفية، يمكننا القول أن جميع الجمل المذكورة أعلاه تعبر عن الفكرة نفسها ويمكن تمثيل هذه الفكرة بمثلث الذي تتكون زواياه الثلاثة من المداخل المعجماتية للفعل والفاعل والمفعول به. داخل المثلث نضع الكلمات كما وجدناها في الجمل أعلاه بجوار المدخل المعجماتي المقابلة لها.
مفهوم "فكرة الحدث"
بوسعنا أن نخطو خطوة أبعد في التجريد من خلال الانتقال من مفعوم الجملة الفعلية إلى مفهوم جديد وهو مفهوم "فكرة الحدث" المكونة من العناصر الثلاثة التالية: الحدث نفسه الذي يحل محل الفعل، إلى جانب المؤثِّر الذي يحل محل الفاعل والمتأثر الذي يحل محل المفعول به. وهذا يعني أننا لا نفرض أدواراً نحوية بل أدوار دلالية¹ على هذه العناصر. وحسب هذا المفهوم تعبر كل الجمل التالية عن نفس "فكرة الحدث":
وُقِّعَت الاِتِّفاقِيَّةُ مِن قَبْلِ الرَّئِيسَةِ.
قامَ الرَّئِيسُ بِتَوْقِيعِ هذِهِ الاِتِّفاقِيّاتِ.
هُنا الاِتِّفاقِيَّةُ المُوَقَّعَةُ مِن قَبْلِ الرَّئِيسِ.
بكل السهولة يمكن تعديل صورة المثلث حتى يعبر عن هذا المفهوم الأكثر تجريدًا:
وكما هو متوقع، فإن تعدد الصيغ الصرفية يزداد، لأن مفهومنا "فكرة الحدث" لا يفرض أي قيود نحوية. وعلى وجه الخصوص، تؤثر هذه الزيادة على عنصر الحدث، الذي يمكنه أن يكون الآن فعلاً، أو مصدرًا أو اسم فاعل أو اسم مفعول. وهنا نستخدم مصطلح "تعدد الصيغ الصرفية" بمعنى واسع حتى لا يختصر على تصريف الأفعال والأسماء بل تشمل عملية الاشتقاق أيضًا، ونطلق على مجموعة كل الكلمات التي يمكن الحصول عليها من خلال التصريف والاشتقاق تسمية "حقل صرفي"²، أما الكلمات التي تكون هذا الحقل فهي بدائل صرفية لبعضها البعض.
وهذا يتيح لنا الفرصة للعودة إلى الخلاف القديم بين البصرة والكوفة: أية كلمة ينبغي لنا أن نختارها لتمثيل الحقل الصرفي؟ المصدر أم الفعل؟ هنا نختار المصدر، متبعين في ذلك حجة البصرة أن تعدد الصيغ الصرفية لدى المصدر أقل من لدى الفعل .
البدائل الصرفية للمتواردات اللفظية
لا يمكننا ربط مفهوم"فكرة الحدث" بالمتواردات اللفظية بشكل مباشر، وذلك لأنه لا يوجد نمط من أنماط المتواردات اللفظية يلتقط جميع عناصرها الثلاثة. وبالتالي يتعين علينا تقسيم الفكرة إلى جزأين، يتكون أحدهما من المؤثر والحدث، ويتكون الآخر من المتأثر والحدث. ومن ثم يمكن التقاط الأفكار مؤثر-حدث ومتأثر-حدث (في الغالب) من خلال الأنماط الشائعة للمتواردات اللفظية:
إذا تم التعبير عن الحدث بشكل فعل، فإن الفكرة مؤثر-حدث تقابلها متواردة لفظية بنمط "الفعل + الفاعل"، والفكرة متأثر-حدث تقابلها متواردة لفظية بنمط "الفعل + المفعول به"³.
إذا تم التعبير عن الحدث بشكل مصدر، فإن الفكرة مؤثر-حدث تقابلها متواردة لفظية بنمط "مضاف إليه + مضاف"، والفكرة متأثر-حدث تقابلها متواردة لفظية بنمط "مضاف إليه + مضاف" أو بنمط "اسم + حرف جر + اسم".
ذا تم التعبير عن الحدث بشكل اسم فاعل أو اسم مفعول، فإن كلا الفكرتين مؤثر-حدث ومتأثر-حدث تقابلهما متواردة لفظية بنمط "،اسم + صفة، حيث تكون الصفة اسم فاعل في حالة الفكرة مؤثر-حدث واسم مفعول في حالة الفكرة متأثر-حدث.
في المثلث الذي يمثل "فكرة الحدث"، يمثل الجانب الأيمن الفكرة مؤثر-حدث، أما الجانب الأيسر فيمثل الفكرة متأثر حدث:
استنادًا على مفهوم الحقل الصرفي للمفردات الذي عرفناه أعلاه، يمكننا تعريف حقلين صرفيين للمتواردات اللفظية، أولهما الحقل الصرفي مؤثر-حدث والذي يتكون من جميع المتواردات اللفظية على الجانب الأيمن، وثانيهما الحقل الصرفي متأثر-حدث، والذي يتكون من جميع المتواردات اللفظية على الجانب الأيسر. أما المتواردات اللفظية في نفس الحقل فنسميها بدائل صرفية لبعضها البعض.
بعض الأمثلة
لنلقي نظرة على بعض الأمثلة للحقل الصرفي مؤثر-حدث ...
الحقل الصرفي مؤثر - حدث | الاسم | الحدث |
اِنْتَشَرَت ظاهِرَةٌ / اِنْتِشارُ ظاهِرَةٍ / ظاهِرَةٌ مُنْتَشِرَةٌ "تنتشر ظاهرة الاسلاموفوبيا في الغرب على نطاق واسع" | الظاهرة | الانتشار |
صَدَرَ قانُونٌ / صُدُورُ قانُونٍ / صُدُورٌ لِـ قانُونٍ / قانُونٌ صادِرٌ "حسب قانون المطبوعات الصادر العام الماضي" | القانون | الصدور |
اِنْتَهَكَ قانُونٌ / اِنْتِهاكُ قانُونٍ / قانُونٌ مُنْتَهِكٌ "هذا القانون ينتهك الدستور تشكل صارح." | القانون | الانتهاك |
... وعلى بعض الأمثلة للحقل الصرفي متأثر-حدث.
الحقل الصرفي متأثر - حدث | الاسم | الحدث |
شَكَّلَ حُكُومَةً / تَشْكِيلُ حُكُومَةٍ / تَشْكِيلٌ لِــ حُكُومَةٍ / حُكُومَةٌ مُشَكَّلَةٌ "هناك حكومة وحدة وطنية مشكلة من الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة" | الحكومة | التشكيل |
اِنْتَهَكَ قانُوناً / اِنْتِهاكُ قانُونٍ / اِنْتِهاكٌ لِـ قانُونٍ / قانُونٌ مُنْتَهَكٌ " نرفض هذا الانتهاك الفاضح للقانون الدولي!" | القانون | الإصدار |
اِنْتَهَكَ قانُوناً / اِنْتِهاكُ قانُونٍ / اِنْتِهاكٌ لِـ قانُونٍ / قانُونٌ مُنْتَهَكٌ " نرفض هذا الانتهاك الفاضح للقانون الدولي!" | القانون | الانتهاك |
انتصار الكوفة بسبب التباس المصدر
ليس من النادر أن يكون بوسع اسم ما أن يلعب كلا دوري المؤثر والمتأثر لحدث معين. في الأمثلة السابقة رأينا اسم "قانون" مؤثرًا ومتأثرًا لحدث "الانتهاك". هنا يمكننا أن نلاحظ ميزة خاصة للنمط "مضاف إليه + مضاف" للمتواردات اللفظية، فإذا قرأنا "اِنْتِهاكُ قانُونٍ" وحدها دون معرفة السياق، لا يمكننا تحديد الدور الذي يلعبه "قانون"، أي أن كان هذه المتواردة اللفظية ينتمي إلى الحقل الصرفي مؤثر - حدث أو إلى الحقل الصرفي متأثر - حدث.
ونظراً لالتباس المصدر هذا⁴ فإننا مضطرون إلى اختيار نمط آخر من أنماط المتواردات لتمثيل الحقل الصرفي. وبما أنه لا يبدو أن هناك أي مدينة تروج لفكرة أصالة اسم الفاعل أو اسم المفعول، فإننا نختار صف الكوفة ونقرر استخدام الأنماط القائمة على الفعل، أي "الفعل + الفاعل" و"الفعل + المفعول"، لهذا الغرض. من ثم تمثل "اِنْتَهَكَ قانُونٌ" الحقل مؤثر-حدق و"اِنْتَهَكَ قانُوناً" الحقل متأثر-حدث.
البدائل الصرفية في مُرَيجَع
مع أنه قد يبدو أننا اتخذنا موقفًا من النزاع القديم بين الكوفة والبصرة، فإننا ما زلنا متمسكين بموقفنا الأولي: "في البدء كانت الفكرة". لذا إذا قام المستخدم بالبحث عن "كمنت المشكلة"، فقد يكون مهتمًا بمعرفة كيفية التعبير عن هذه الفكرة بأشكال مختلفة. ولهذا السبب يعرض مريجع البدائل الصرفية المستخدمة بالفعل، فيمكنك أن تقول "مشكلة كامنة"، أما عبارة "كمون المشكلة" فهي غير مستخدمة.
هناك متواردات لفظية أخرى لها بدائل صرفية أكثر بكثير، وخاصة المتواردات من النمط "مصدر + اسم"، حيث تأتي البدائل الصرفية من كلا الحقلين الصرفيين مؤثر-حدث ومتأثر-حدث, مثل "انتهاك قانون":
من المثير للاهتمام أن مريجع لم يعرض المتواردة "قانُونٌ مُنْتَهِكٌ" من الحقل مؤثر-حدث على الرغم من أن قول جملة مثل "نرفض هذا القانون المنتهك لسيادة الدول!" وارد جدًا. (وهنا لا بد من أن نتحلى بقدر كافٍ من التفكير النقدي لأن المصدر الوحيد للمعرفة اللغوية لمريجع هو المتون الخاص به والذي يتم استخراج المتواردات اللفظية منه تلقائيًا، ولا تخلو هذه العملية من الأخطاء، خاصة عندما تكون المتواردات نادرة).
ومع أن مريجع لا يحتوي على المتواردة "قانُونٌ مُنْتَهِكٌ" فيحتوي على المتواردة المقابل لها من الحقل متأثر-حدث، “قانُونٌ مُنْتَهَكٌ”، ونقرة واحدة تأخذك إلى هناك:
التطورات المستقبلية: من المتواردات إلى الأفكار
حاليًا، لا يمكن لمريجع سوى عرض جزء ضئيل من المتواردات المستخدمة، لأن عددها ضخم جدًا: لكل نمط من أنماط المتواردات، يتم عرض المتواردات العشرة الأكثر شيوعًا فقط، وهو أمر غير مرضٍ. ولكن من خلال إمعان النظر في مدخل “قانُون” يمكننا أن نكتشف أن عددًا كبيرًا من المتواردات المعروضة في الواقع بدائل صرفية ببعضها البعض:
يمكننا أن نوفر مساحة ثمينة على الشاشة عن طريق إخفاء البدائل الصرفية من بين المتواردات القائمة على الأسماء (المشار إليها باللون الأخضر) أو الانتقال من عرض قائم على الأنماط إلى عرض قائم على الأفكار.
إذا كنت تريد/ين أن نبقيك على اطلاع على تطور مريجع، يرجى الاشتراك في القائمة البريدية لدينا أو متابعتنا على قنوات التواصل الاجتماعي الخاصة بنا!
يتم استخدام مصطلحي "المؤثر" و"المتأثر" هنا بشكل فضفاض وهناك وفرة من الأدوار الدلالية التي تصف علاقة الفعل بالأسماء التي يعمل فيها، ولكننا مهتمون حاليًا بما يمكننا تحديده بسهولة في أشجار تحليل التبعية .
لا يحدد تعريف "الحقل الصرفي" نوع الكلمات المشتقة التي يغطيها، وهذا الغموض مقصود: على الرغم من أن الحقول الصرفية المقترحة في هذا المقال لا تستخدم إلا الفعل والمصدر واسم الفاعل واسم المفعول، فقد تكون أنواع أخرى من الاشتقاق مفيدة لتعريف حقول صرفية أخرى، مثل الصفة النسبة لـ "أفكار الوصف": ملكة بريطانيا – الملكة البريطانية
عند استخراج المتواردات يترجم مريجع الفعل المبني للمجهول ونائب الفاعل مثل "وُقِّعَ اِتِّفاقِيَّةٌ" إلى متواردة على شكل "فعل + مفعول به"، أي "وَقَّعَ اِتِّفاقِيَّةً".
في الواقع، هناك المزيد من الالتباس لدى المصدر، لأنه لا يشير إلى حدوث الحدث فحسب (nomen actionis) بل أيضًا إلى نتيجة هذا الحدث (nomen resultatis). على سبيل المثال يمكن لعبارة “اِقْتِراحُ قانُونٍ” أن تشير إلى عملية تقديم مشروع القانون مثل “يجب على الحكومة اقتراح قانون مناسب لعصرنا” كما ينكنها أن تشير إلى مشروع القانون نفسه مثل “ناقشت اللجنة اقتراح قانون اللامركزية الإدارية”. يمكن إعادة صياغة الجملة الأولى باستخدام مصدر مؤول - “يجب على الحكومة أن تقترح قانونًا مناسبًا لعصرنا” - في حين لا يمكن إعادة صياغة الجملة الثانية.
Comments